- Advertisement -

بقلم: ثامر الداودي

- Advertisement -

التحليل والتأويل:

في تصور ذهني محتمل، حيث تتخذ الأقدار مسارها نحو زوال دولة إسرائيل، قد يتحول الاحتفال الإيراني في رحاب المسجد الأقصى، تلك الأيقونة المقدسة، إلى مسرح لأحداث عنيفة. هذا الانقلاب الدراماتيكي في الأحداث، قد يسفر عن تداعيات مأساوية، ليس فقط على صعيد الجغرافيا السياسية، بل وكذلك في أعماق النسيج الاجتماعي والثقافي للمنطقة. يشكل هذا السيناريو مثالاً صارخاً على التعقيدات المحتملة في الشرق الأوسط، حيث تتشابك خيوط السياسة بالدين والتاريخ، مولدةً بذلك فصولاً جديدة من التوتر والصراع.

 

أفضت حركة الجهاد الإسلامي، التي أعلنتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية في عام 1979، إلى ترك بصماتها المؤثرة على الخارطة العالمية بشكل لا يُنسى. لا يزال العالم يتلمس آثار الهزات العنيفة التي خلفتها ثورة إيران، فقد تحولت الصراعات إلى ظاهرة متفشية في أرجاء المعمورة، ومع ذلك، غالباً ما يُغفل عنها بسبب تغلغلها في طيات الحياة اليومية التي يسيطر عليها الانشغال بالشؤون الدنيوية.

تكمن الطموحات الإيرانية في إقامة عالم يسوده الولاء للإيديولوجيا الشيعية ومعتقدات الشريعة الإسلامية، أو عالم يغرق في متاهات الصراع والاضطراب. يُعد هذا الالتزام الراسخ بفكرة المدينة الفاضلة الشيعية، محوراً ثابتاً في السياسة الخارجية والداخلية الإيرانية.

من ناحية أخرى، يصارع الغرب لاستيعاب وفهم هذا التحول الجذري. فقد أسهمت التطورات التاريخية والثقافية الرئيسية، مثل حرب الثلاثين عامًا، والحروب العالمية، والحرب الباردة، وعصر التنوير، في تشكيل وجهة نظر الغرب التي تحجب عنه رؤية الصراع المتعدد الأبعاد الذي يواجهه، والذي يشمل الجوانب الأيديولوجية والدينية والمادية على حد سواء.

 

جنود من الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة المدمر

 

كان انقلاب الخميني في عام 1979 نقطة تحول دراماتيكية في التاريخ السياسي الحديث. في نظر العديد من الأوساط الغربية، تُعتبر الأعمال الإرهابية مجرد حوادث منعزلة، وتُفسر المآسي مثل حريق كاتدرائية نوتردام كأحداث عرضية. تُظهر هذه النظرة تجاهلًا للتنوع الثقافي وتدفق المهاجرين المسلمين الذين يستفيدون من أنظمة الرعاية الاجتماعية، وهي نظرة تُعبر عن الانفتاح الثقافي. ولكن، قد تكون هذه السذاجة بمثابة الشرخ الذي يمكن أن يؤدي إلى انهيار الغرب، ليس عن طريق غزو مباشر، بل من خلال استراتيجية دقيقة وتدريجية للسيطرة على السلطة المؤسسية.

إن الحملة الإيرانية ضد إسرائيل تكتسب تعقيدًا بسبب الأبعاد الإيديولوجية العميقة والاعتبارات الاستراتيجية التي تغذيها. في الإسلام الشيعي، يُنظر إلى اليهود على أنهم غير طاهرين، ويُعتبر إنشاء دولة إسرائيل خطأ تاريخيا يتوجب تصحيحه. بالنسبة لإيران، تُعتبر إسرائيل رمزًا للإمبريالية الغربية ووجودها تحديًا للهوية الإسلامية.

 

يتمتع الموقف الإيراني المعارض لإسرائيل بدعم واسع، لا سيما في أوساط العالم السني. تتميز الاستراتيجية الإيرانية بتأثيرها غير المباشر على إسرائيل، نظرًا لعدم وجود حدود مشتركة بين البلدين، مما يقلل من المخاطر المباشرة ويعزز المكاسب الدعائية لإيران. هذا الصراع، الذي يتجاوز الحدود الجغرافية، يكشف عن تعقيدات السياسة الدولية وديناميكيات القوة.

من ناحية أخرى، تساهم اللامبالاة الغربية تجاه معاداة السامية الإيرانية في تفاقم المشكلة. السياسات الغربية، التي غالباً ما تظهر معارضة للمبادئ الإسرائيلية المتعلقة بالجنسية والدين والحدود، تزيد من شعور إسرائيل بالعزلة والتحديات الأمنية. هذا الواقع يعكس تعقيدات العلاقات الدولية والتحديات التي تواجهها الدول في الدفاع عن مصالحها الوطنية في سياق عالمي متغير.

أهل السنة في صلاة رمضان بالحرم الشريف

 

إن الانهيار المحتمل لفلسطين يمكن أن يكون بمثابة دلالة على انهيار أوسع يلوح في الأفق داخل العالم السني. يُعد التوجه الفلسطيني نحو إيران، والذي يمثل انحرافًا عن النمط التاريخي المعتاد، إشارة إلى تغيير محتمل في الديناميكيات الإقليمية. تتضمن استراتيجية إيران إجراءات رمزية مثل دعم القضية الفلسطينية وتقديم الدعم المادي عبر التدريب والتمويل. هذا النهج قد يقود، دون قصد، العرب السنة إلى دعم نظام يتعارض مع قيمهم الأساسية.

وقد تكون العواقب الناجمة عن هذا الوضع شديدة بالنسبة للعالم السني. فالتحالف مع إيران قد يؤدي إلى ضعف كارثي وخضوع في نهاية المطاف. يمثل مصير العالم السني، المرتبط بشكل وثيق بطموحات إيران، نقطة تحول حاسمة في السياسة الإقليمية والديناميكيات الدولية.

 

في الختام، يُشكل الجهاد الشيعي الإيراني، الذي يحتضن القضية الفلسطينية كأداة استراتيجية، تحديًا معقدًا ومتعدد الأبعاد. التمويل الغربي، مقترنًا بالأيديولوجية الإيرانية والقوى العاملة الفلسطينية، يسهم في خلق بيئة متوترة ومحفوفة بالمخاطر. إن الانهيار المحتمل للنفوذ الفلسطيني قد يُمهد الطريق لتدهور أكبر ضمن العالم السني، مما يُفاقم من ضعف إسرائيل ويزيد من التحديات أمام النظام العالمي الغربي. يستلزم هذا السيناريو المعقد دراسة دقيقة وتخطيطًا استراتيجيًا لفهم تداعياته والتعامل معها بفعالية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *